02/12/2024

.

A good word aimed at the service of humanity

إلى المثقف العضوي.. بقلم: مجيد محسن الغالبي/ العراق

1 min read
Spread the love

إلى المثقف العضوي 
مجيد محسن الغالبي… من العراق

من البديهي جدا وفي كل حركات التحرر في العالم أن المثقفين هم الضمير المعبر عن الشعور الجمعي الواعي، ومن البديهي جدا أن شرارة المقاومة عندما تكون البلدان محتلة تتوقد في قلوب المثقفين – رغم أن مفردة المثقفين فيها الكثير من المبالغة – وينهد أدب المقاومة وشعر المقاومة نموذجا للحرية وفعلا ساميا لشحذ الهمم، ولم نسمع يوما عن أدب الخمر ولوعة المنكوبين بغلق الحانات في زمن يتشظى فيه الوطن والمواطن، وتجوب فيه العربات الصفر من أقصى العراق إلى أقصاه يصم أزيزها الآذان؛ دون أن تدوى صرخة مثقفة، لقد تضور العراقيون جوعا دون يسمعوا قصيدة واحدة تلعن حصارهم البغيض، وتدفقت شراذم الأرض إلى بلادنا دون أن نرى مظاهرة استنكار واحدة تمزق صمت الموت الذي يطبق جاثما في بلاد تذهب ثرواتها لرواتب خيالية، وتستورد المياه والأرصفة، وتصدر الموت المجاني يوميا وتلفع الأتربة والصدأ مصانعنا؛ فغدت حطاما وبيعت سياراتنا وطياراتنا في أكثر الأسواق نخاسة، وسرقت آثارنا في رابعة النهار، وغرقنا في فتاوى التكفير والإثم الانتخابي، وحبست عنا المياه العذبة وامتلأت أحشاء أرضنا بالملوحة، وجلس حملة الشهادات على أرصفة البطالة رغم أننا ننتج ضعف إنتاجنا من النفط قبل سقوط بغداد، وفكت الدولة إلى اتحادية وفيدراليات بعد أن كانت واحدة وصار لنا أصدقاء كرماء جدد كصندوق النقد الدولي، وصرنا عربا وأكرادا وسنة وشيعة ومسلمين ومسيحيين وغربيين وجنوبيين، وتحاصصنا كعكة السلطة المحلاة بالدماء، وتشربنا بالديمقراطية حد الارتواء ..الخ
ولكن لم نسمع هتافا واحدا، ولانشيدا واحدا، ولامظاهرة واحدة، ولم نسمع نقمة واحدة تلعن الزيف وتصادر الخوار رغم أن الجميع يدري أن الفن والأدب ضمير الشعب؛ إلا أن هذا الضمير غطَّ في سباته العميق يوم أكلت المقابر الجماعية الجموع، وظل يقبض مكافأة الصمت والمديح قرابة 30 عاما، وظل يستمع إلى صرخات الاغتصاب وأنين المصادرين، ولوعة اليتامى، ومضى إلى سواتر الدمار يرتل ترنيمة النصر ويمجد الحماقات في حرب ضروس قضمت عشر سنين من ربيع العراقيين؛ فخرج الناجون منها بخفي حنين، واحترق المحترقون فيها بلا ناقة ولاجمل، وظل أخوة يوسف يتندرون رغم خطيئة البئر الذي ألقوه به، وغاب قطار الرجاء في أنفاق الظلام يتلمس الخلاص، من سفاح إلى محتل كالمستجير من الرمضاء بالنار، وجللنا عار الطغاة وعابري القارات ..مع التقدير
د.مجيد محسن الغالبي

 
Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmailby feather

3 thoughts on “إلى المثقف العضوي.. بقلم: مجيد محسن الغالبي/ العراق

Comments are closed.