قراءة في قصيدة أجمل ما بعينيك …للدكتور ناصر زين الدين/لبنان.. بعنوان ” الإنسان الرومنطيقي “و الخلاص.. بقلم الناقدة الأستاذة سهيلة حماد/ تونس
1 min readقراءة في قصيدة أجمل ما بعينيك …للدكتور ناصر زين الدين بعنوان ” الإنسان الرومنطيقي “و الخلاص
قصيدة :
أجملُ ما بعينيكِ…
بقلم: الشاعر ناصر زين الدين
حبيبتي…
أجملُ ما بعينيكِ..
نعاسُ الليلِ ونومُ القمرِ..
تلألؤُ النجومِ النائمةِ..
الملتحفةِ بشالِها الأسودِ..
تُغرِّدُ الحلمَ، وتَبعثُ الأملَ…
************
أجملُ ما بعينيكِ..
أنني أرى نفسي..
العاشقَ الصبَّ…
وغريمَ الهوى…
************
أجملُ ما بعينيكِ…
أمواجُ حاضرٍ…
وبحرٌ بعيدٌ…
يناشدُ شمسَ المغيبِ…
ويرسمُ القمرَ…
***********
وأجملُ ما بعينيكِ…
أنّني أحبّكِ…
وأحبُّ الغروبَ..
لألتحفَ ليلَهما..
كصبٍّ ينامُ..
على شاطئيهما..
فأحببتُ الهوى..
=======
==========
نص القراءة : “الإنسان الرومنطيقي “و الخلاص
بوح تفيض كلماته بفيض معنى، و صور تتولّد من بعضها البعض، موقدة تنّور الأمل بنور البصيرة ، مستفزة للوجدان محدثة مشهديّة، كأنّها مقاطع سينمائيّة، أو كرنفال احتفالي، على نخب عشق سرمديّ خالد ، و رومانسيّة ، تحدث في القارىء اختلاجا و أملا في غد أفضل لإنسان رومنطيقي عملي واع يعود لمصالحة ذاته، و الطّبيعة عبر انعكاس ظلّهما في عيني حبيبته ، عبر عدستي الآخر شريكة العمر، و الصّاحبة و الرّفيقة في مسيرة الحياة المتواصلة، في التّواصل بتواصل الإنسان، رافعا التّحدّي معلنا الانتصار، بفوزه بالطّمأنينة، في زمن الكورونا و كمّاماتها – التي ألجمت الأفواه لتخرسها وباعدت بين الأجساد مانعة حتى التسليم، لتعمّق الفجوة لتزيد في غربة المغترب في الحياة بالتّباعد، بعد الحداثة، و ما بعدها بعد أن صيّر العلم الإنسان وحيدا عبدا لجهله بعلمه الذي أساء استخدامه لغبائه، و نرجسيّته المفرطة، فبدل أن ينعم بالطّبيعة و يطوّعها لخير الإنسانيّة طورها للاستيلاء والسّيطرة على الآخر فصار حبيسا في بيته وراء الجدران لينقلب السّحر على السّاحر، بفقده لأدوات السّيطرة على عصاه، فتلحّفت النّجوم بشالها الأسود، حزنا على أدميّة فُقدت و انعدمت، بفعل تجاهل الأخلاق، و الحبّ و الإخلاص، و تفاقم “أزهار الشر” و قلّة حمد البشر و الشّكر على نعمة الأنس و الحبّ و الزّواج و التّزاوج و التّناسل الحلال، للتّكاثر عبر تقارب الأرواح و الأجساد، بالإنسجام بالفعل و ديمومة الحركة الدّائرية للزّمن، و الرّقص على إيقاع الفكر، و فلسفة الحياة، و كينونة الإنسان في الوجود، فانغمس في العبث و العدم، بدل التأمل والبحث عن التكامل مع الإنسان حيث ما كان .
و يبقى الصدق و الإخلاص والإيمان بالقرين يقين في الخلاص وفي الأنس والمؤانسة وهي الفيصل و مفصل السعادة فها هو الشّاعر الدّكتور ناصر زين الدّين – سفير الإنسانية- و بفضل صدقه كعادته ، و إيمانه بالإنسان الذي ظلّ يراهن عليه طيلة حياته، و بتوقّفه عند مرفإ عيني حبيبته مرآته متأملا ، للبحث عن “أناته” في سرّ الوجود و في الكينونة الكلّيّة و صيرورة الزّمان،. و باختراق موج عينيها عبر خياله اللّامحدود -الحالم بغد أفضل- و بغوصه فيهما، استطاع أن يعانق السّعادة السّرمديّة الخالدة، لينام على شاطئيهما، غير عابئء بشوائب الدّهر و لا مكترث بمكره، مزيحا العتمة رافعا شعار الأمل و التّحدّي ، ملوّحا بالحبّ و التّواصل مع الآخر مع الحياة مع ذاته، من خلال ظلال مرآة عينيها، اللّتان كشفتا له صورة ذاته الحقيقيّة، و سرّ الحياة، و طوق النّجاة، و الاستقرار و التّوازن، فرأى نفسه العاشق الصبّ و غريم الهوى المشعّ .. فحقّق بذلك الطّمأنينة والسعادة الأبديّة، بخلع ثوب الغربة، بالسّباحة في لجّ عمق بحر عينيها، فاسترجع وحدة كيانه، بعد تبعثّرٍ ، فأحبّ الغروب .. لأنّه رأى فيه السّعي، و السّكن و السّكينة، فأيقظ القمر و صحّي اللّيل النّاعس، ليحيي معه احتفال التّقارب، لتحقيق الحلم المغرّد كالطّير يطير، مستترا بأجنحة الظّلام، راسما التّحدّي، بضوء القمر، فاطمئنت نفسه و روحه و انجلت الغمّة و الغيمة و رأى ما لا يراه الآخرون تكشّفا استشرافا و إشراقا بعثا وانبعاثا .. بدت” الأشياء أكثر جمالا ” “مرايا بغاية الصّفاء” ” ب”أضوائهما الخالدة ” على راي بودلار في قصيدته الحسناء la beauté بديوانه ” أزهار الشرّ”
ترجمة حنّا الطيّار، وجورجيت الطّيّار ص 20
“مرايا بغاية الصّفاء والنّقاء
تبدو فيها الأشياء أكثر جمالا
إنها عيناي عيناي النجلاوان
بأضوائهما الخالدة “
فشقّ طريق الأمل، كبحّار يلتحف اللّيل، يهوى الهواء النقيّ يحلم بالحرّية و الكرامة بالعمل من أجل الاستمرار و خير البشريّة، طامعا في تحقيق حلمه، كبحار يحلم بصيد ثمين، يرتزق منه، لينفق على عياله لينعم الكلّ بنتيجة الفعل و الحركة و البركة. فيركب عباب أمواج الحاضر، يناشد الشّمس و القمر ليضيئا مساره وكينونته، ليكونا بوصلة و دليلا في اللّيل والنّهار، حتى لا يتوه و ينفلت منه مقود حياته، فتتلألأ النّجوم طربا، من تحت شالها ببريق سواد عيني حبيبته في عشق الحياة و كينونتها، من خلال جسر العبور جسر عينيها …حيث يكون فيها “الإنسان صورة للعالم و العالم صورة للإنسان”… لتصبح الذّات جوهرا و مركز إشعاع و إشرقا تشع منه الحياة و الأمل ..بتناغم التطلّعات وتبادل النظرات وتقاسم الأفراح و تجاوز الصّعاب بالحماسة والتّمسّك بالحلم فبالإيمان يصنع الإنسان قدره بعد ملامسة القوّة المحرك الدافع الكامنة في باطنه و في سواكنه في القلب محرك الحياة في الحب .. فتشرق الحياة من جديد ويكمل بوحا كان قد بدأه ولم يكمله و أسرّه لها منذ ماي 2015
هذا نصه:
عـنــدمـــا…
تشــــــــرق الشـــمس…
وتنكشــــف عين الظـــلام…
تتأرجـــح في قــلبــــي…
ألــــف ألـــــف كلمة…
لــــــــك…
لأقـــــول: “…دومــــــاً أحبــــــك…”
الأسلوب:
جاء الأسلوب على قدر من البساطة و الرّقة و عذوبة اللّفظ و المعنى و الصّورة منغّما بتكرار يقوم مقام ضابط إيقاع “أجمل ما بعينيك” يزيد الكلام بهاءً و دلالا و أملا و امتلاءً و الصّورة جمالا و كمالا، و حسن ذائقة متّسقا منسجما مع روح النصّ الدّاخلي النّفسي الباطني العميق و المقصد و المدلول…
سهيلة بن حسين حرم حماد
الزهراء تونس في 13 /05/ 2020
by