25/04/2024

.

A good word aimed at the service of humanity

عُصفورتي النار.. قصة قصيرة بقلم: باسم جبار طلاب

1 min read
Spread the love

  عُصفورتي النار
 
تساقطت سنيّ عمري، لا أعرف كيف أين ومتى، إلاَّ أني مؤخراً اكتشفت أن جيوب سترتي مُثقَّبة. فغرتُ فمي، وقفتُ هنيهةً، أَقفلتُ راجعاً عسى أن ألتقط شيئاً من… وإذا بي أمام جدارٍ فيه شباك يطل على الشارع زجاجاته العليا مُكسَّرة، فوضعتُ وجهي بين يدي وأٓلصقته بزجاج الشباك، وجدتُ تلامذةً صغارا أمامهم كراسات رسم وأقلامٌ ملوَّنة، تلميذٌ نحيف القِوام يقف هو والمعلم أمام التلامذة، كأنَّهما على خشبة مسرح سيؤديان دوراً تمثيلياً، عيون الأطفال شاخصهٌ فيهما في انتظار بدء العرض، ابتدأٓ العرض- افتح يدك، وجَّه المُعلمُ أمرَه إلى ذلك التلميذ، مدَّ التلميذ ذراعه، ثم بتكاسلٍ فتح قبضته، وإذا بالمعلم يُسقط كل قِواه بمعيّة عصاه على يد المسكين، وأبتدأت الموسيقا التصويرية المُصاحبة لهذا المشهد؛ فكانت خليطاً غير متجانس لم يلتزم إيقاعاً ثابتاً، مفرداته صراخ المسكين، توسلاته، ووقع اصطدام العصا بيديه، جمع أصابعه بقبضة واحدة وجاء بها إلى إبط يده الثانية عسى أن يطفىء النار المتَّقدة فيها، إلا أن المعلم أمره بفتح يده الثانية، تكرَّرَ المشهد أربعَ مرَّات، عندها أمره بالجلوس، رجع وظهره مقوسٌ إلى الأمام كأنه يحنو على عُصفورتي النار الملتجئتين إلى أُبطيه، لكنه عندما مرَّ أمام الشباك حانت منه التفاتة إلى الشارع؛ فعرفتُه تماما، إنه أنا! إنه أنا! إنه أنا.
آه إنني لا أملك كراسة الرسم والأقلام الملونة.
سقطتُ مرة واحدة على الأرض، أسندتُ ظهري على الحائط ،مددتُ رجليَّ، وضعت يديّ على وجهي أجهشت في البكاء حيث كانت الشمس حارقة ، لكنني أحسست أن شيئاً وقف بيني وبين الشمس فأخرجت وجهي من بين يدي فاجأني وجه أمي وهي تقبلني وتواسيني، وتمسح على شعري، لكنني تذكرت أن أمي قد ماتت، عندها اختفى وجه أمي، ولم يبقَ إلا صوت مبتعد متسارع الخطى “دموعك أدمت قلبي يا ولدي” وكرر الصدى ….لدي لدي. وضعت يديّ على الأرض نهضت ولا إرادياً أدخلت يدي في جيب سروالي، فتفاجأت برسالة تذكرتُ أنها من مختبر تحليل الدم استلمتها البارحة، ونسيت أن أفتحها، فسارعت بفتحها فوجدت خطاً أحمر تحت جينة العذاب، وتعليقا قصيرا من الطبيب يقول: “إن جينة العذاب مرتفعة جداً في دمك احذر من التجوال في الماضي، وإلا ستموتُ في الماضي”
رجعتُ صاغراً إلى الحاضر رغم أني لا أمتلك فيه إلا غربتي المتوحشة، وما يُعللني أني لم أجد ما بين الماضي والحاضر من يرحمني.

Facebooktwitterredditpinterestlinkedinmailby feather

5 thoughts on “عُصفورتي النار.. قصة قصيرة بقلم: باسم جبار طلاب

Comments are closed.

You may have missed